فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولو كان السّلام مرادًا به السلامة لكان التقييد بـ (آمنين) توكيدًا وهو خلاف الأصل.
و: {منا} تأكيد لتوجيه السّلام إليه لأنّ (من) ابتدائية، فالمعنى: بسلام ناشئ من عندنا، كقوله: {سلامٌ قولًا من رببٍ رحيمٍ} [يس: 58]. وذلك كثير في كلامهم.
وهذا التأكيد يراد به زيادة الصلة والإكرام فهو أشدُّ مبالغة من الذي لا تذكر معه (من).
والباء للمصاحبة، أي اهبط مصحوبًا بسلام منّا.
ومصاحبة السّلام الذي هو التّحية مصاحبة مجازية.
والبركات: الخيرات النامية، واحدتها بركة، وهي من كلمات التحية مستعملة في الدعاء.
ولما كان الداعون بلفظ التحيّة إنما يسألون الله بدعاء بعضهم لبعض فصدور هذا الدعاء من لدنه قائم مقام إجابة الدعاء فهو إفاضة بركات على نوح عليه السّلام ومن معه، فحصل بذلك تكريمهم وتأمينهم والإنعام عليهم.
و(عليك) يتعلق (بسلام) و(بركات) وكذلك: {وعلى أُمم ممن معك}.
والأمم: جمع أمة.
والأمة: الجماعة الكثيرة من الناس التي يَجمعها نسب إلى جدّ واحد.
يقال: أمّة العرب، أو لغةٌ مثل أمة الترك، أو موطن مثل أمة أمريكا، أو دين مثل الأمة الإسلامية، ف: {أمم} دال على عدد كثير من الأمم يكون بعد نوح عليه السّلام.
وليس الذين ركبوا في السفينة أممًا لقلة عددهم لقوله: {وما آمن معه إلاّ قليل} [هود: 40].
وتنكير: {أمم} لأنّه لم يقصد به التعميم تمهيدًا لقوله: {وأمم سنمتعهم}.
و(مِن) في: {ممّن معك} ابتدائية، و(مَن) الموصولة صادقة على الذين ركبوا مع نوح عليه السّلام في السفينة.
ومنهم ابناؤه الثلاثة.
فالكلام بشارة لنوح عليه السّلام ومن معه بأن الله يجعل منهم أممًا كثيرة يكونون محلّ كرامته وبركاته.
وفيه إيذان بأن يجعل منهم أممًا بخلاف ذلك، ولذلك عطف على هذه الجملة قوله: {وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم}.
وهذا النظم يقتضي أن الله بدأ نوحًا بالسلام والبركات وشرّك معه فيهما أممًا ناشئين ممن هم معه، وفيهم الناشئون من نوح عليه السلام لأن في جملة من معه أبناءه الثلاثة الذين انحصر فيهم نسله من بعده.
فتعين أن الذين معه يشملهم السلام والبركات بادئ بدء قبل نسلهم إذ عُنون عنهم بوصف معية نوح عليه السّلام تنبيهًا على سبب كرامتهم.
وإذ كان التنويه بالناشئين عنهم إيماء إلى أن اختصاصهم بالكرامة لأجل كونهم ناشئين عن فئة مكرمة بمصاحبة نوح عليه السّلام، فحصل تنويه نوح عليه السّلام وصحبته ونسلهم بطريق إيجاز بديع.
وجملة: {وأمم سنمتعهم} إلخ، عطف على جملة: {اهبط بسلام منا} إلى آخرها، وهي استئناف بياني لأنّها تبيين لما أفاده التنكير في قوله: {وعلى أمم ممن معك} من الاحتراز عن أمم آخرين.
وهذه الواو تسمى استينافية وأصلها الواو العاطفة وبعضهم يرجعها إلى الواو الزائدة، ويجوز أن تكون الواو للتقسيم، والمقصود: تحذير قوم نوح من اتباع سبيل الذين أغرقوا، والمقصود من حكاية ذلك في القرآن التعريض بالمشركين من العرب فإنهم من ذريّة نوح ولم يتبعوا سبيل جدّهم، فأشعروا بأنّهم من الأمم التي أنبأ الله نوحًا بأنه سيمتعهم ثم يمسهم عذاب أليم.
ونظير هذا قوله تعالى: {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا} [الإسراء: 3] أي وكان المتحدث عنهم غير شاكرين للنعمة.
وإطلاق المس على الإصابة القوية تقدّم عند قوله تعالى: {وإن يمسسك الله بضرّ فلا كاشف له إلاّ هو} في [الأنعام: 17].
وذكر: {منا} مع: {يمسهم} لمقابلة قوله في ضدّه: {بسلام منا} ليعلموا أنّ ما يصيب الأمة من الأحوال الزائدة على المعتاد في الخير والشر هو إعلام من الله بالرضى أو الغضب لئلا يحسبوا ذلك من سنة ترتب المسببّات العادية على أسبابها، إذ من حق الناس أن يتبصروا في الحوادث ويتوسّموا في جريان أحوالهم على مراد الله تعالى منهم ويعلموا أن الله يخاطبهم بدلالة الكائنات عند انقطاع خطابه إياهم على ألْسنة الرسل، فإنّ الرسل يبينون لهم طرق الدلالة ويكلون إليهم النظر في وضع المدلولات عند دلالاتها.
ومثاله ما هنا فقد بيّن لهم على لسان نوح عليه السّلام أنّه يمتع أممًا ثم يمسهم عذاب أليم بما يصنعون. اهـ.

.قال الشعراوي:

{وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي}
وعاطفة الأبوة عاطفة محمودة، والحق سبحانه يشحن بها قلب الأب على قَدْر حاجة البنوة، ولو لم تكن تلك العاطفة موجودة، لما تحمُّل أيُّ أبٍ أو أيُّ أمٍّ متاعب تربية الأبناء.
وحتى نعلم أن الأنبياء لا بنوة لهم إلا بنوة الاتِّباع نجد المثل في إبراهيم خليل الرحمن عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، حين قال فيه الحق سبحانه: {وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124].
أي: أن أداء إبراهيم عليه السلام للتكاليف كان على وجه التمام، مثلما أراد أن يرفع القواعد من البيت، فرفعها فوق قامته بالاحتيال، فاحضر حجرًا ووقف عليه ليُعلي جدار الكعبة.
وقال له الله تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124].
لأنك مأمون على منهج الله وقادر على أن تنفِّذه بدقة، فقال إبراهيم عليه السلام: {وَمِن ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124].
فقال الحق سبحانه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124].
من هذا نعلم أن النبوَّة ليس لها بنوَّة، بل النبوَّة لها أتباع.
ويتضح ذلك أيضًا في قول إبراهيم عليه السلام بعد أن استقرَّ في ذهنه قول الحق سبحانه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124].
قال إبراهيم لربه سبحانه طلبًا للرزق لمكة وأهلها: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا آمِنًا وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بالله واليوم الآخر} [البقرة: 126].
هكذا طلب إبراهيم عليه السلام الرزق للمؤمنين، لكن الحق سبحانه يبيِّن له أنه نقل المسألة إلى غير مكانها؛ فالرزق عطاء ربوبية للمؤمن والكافر، لكن تكليفات الألوهية هي للمؤمن فقط؛ لذلك قال الحق سبحانه: {وَمَن كَفَرَ} [البقرة: 126].
أي: أن الرزق يشمل المؤمن والكافر، عطاء من الربوبية.
ونريد أن نقول إنَّ عاطفة الأبوة والأمومة إنما تتناسب مع حاجة الابن تناسبًا عكسيّا، فإن كان الابن قوّيًا فعاطفة الأبوة والأمومة تقلُّ.
ومثال ذلك: أننا نجد شقيقين أحدهما غني قائم بأمر الأبوين ويتكفَّل بهما، بينما الابن الآخر فقير لا يقدر على رعاية الأبوين.
وسنلحظ أن قلب الأب والأم يكون مع الفقير، لا مع الغَنيِّ، فعاطفة الأبوة والأمومة تكون مع الضعيف والمريض والغائب، وكلما كان الابن في حاجة؛ كانت العاطفة معه.
وفي نداء نوح عليه السلام لربه سبحانه نلحظ أن نوحًا كان يملك المبرِّر طلبًا لنجاة الابن؛ لأن الحق سبحانه أمره بأن يحمل في السفينة من كلٍّ زوجين اثنين وكذلك أهله، فأراد نوح عليه السلام أن يطلب النجاة لابنه من أهله، فقال: {رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحق وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين} [هود: 45].
إذن: فنوح عليه السلام يملك حق الدعاء؛ لأنه يطلب تحقيق وعد الله تعالى بأن يحمل أهله معه للنجاة.
وحين يقول نوح: {وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين} هو إقرار بأن الله سبحانه لا يخطئ؛ لأن الابن قد غرق، بل لابد أن ذلك الغرق كان لحكمة.
ويقول الحق سبحانه: {قَالَ يا نوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}
ويريد الحق سبحانه هنا أن يلفتَ نبيَّه نوحًا إلى أن أهليَّة الأنبياء ليست أهلية الدم واللحم، ولكنها أهلية المنهج والاتِّباع، وإذا قاس نوح عليه السلام ابنه على هذا القانون، فلن يجده ابنًا له.
ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم عن سلمان الفارسي: «سلمان منَّا آل البيت». إذن: فالبنوة بالنسبة للأنبياء هي بنوة اتِّباع، لا بنوة نَسَب.
وانظر إلى دقة الأداء في قول الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46]. ثم يأتي سبحانه بالعلة والحيثية لذلك بقوله: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46].
فكأن البنوة هنا عمل، وليست ذاتًا، فالذات منكورة هنا، والمذكور هو العمل، فعمل ابن نوح جعله غير صالح أن يكون ابنًا لنوح.
وهكذا نجد أن المحكوم عليه في البنوة للأنبياء ليس الدم، وليس الشحم، وليس اللحم، إنما هو الاتِّباع بدليل أن الحق سبحانه وصف ابن نوح بقوله تعالى: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ولو كان عملًا صالحًا لكان ابنه.
ويقول الحق سبحانه: {فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين} [هود: 46].
والحق سبحانه يطلب من نوح هنا أن يفكِّر جيِّدًا قبل أن يسأل، فلا غبار على الأنبياء حين يربيِّهم ربُّهم.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: {قَالَ رَبِّ إني أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ}
وهنا يدعو نوح عليه السلام ربه سبحانه وتعالى أن يغفر له ما قاله، وهو هنا يقرُّ بأنه لما أحبَّ أن يسأل نجاة ابنه لم يستطع أن يكتم سؤاله، ولكن الحق سبحانه وتعالى وحده هو القادر على أن يمنع من قبله مثل هذا السؤال، وهذه قمة التسليم لله تعالى.
وقول نوح عليه السلام: {إني أَعُوذُ بِكَ} [هود: 47].
يوضِّح لنا أن الإنسان لا يعوذ من شيء بشيء إلا إن كانت قوته لا تقدر على أن تمتنع عنه.
ولذلك يستعيذ نوح عليه السلام من أن يسأل ما ليس له به علم، ويرجو مغفرة الله سبحانه وتعالى ورحمته حتى لا يكون من الخاسرين.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: {قِيلَ يا نوح اهبط بِسَلاَمٍ}
وقول الحق سبحانه: {اهبط بِسَلاَمٍ مِّنَّا} [يونس: 48].
يدل على أن نوحًا عليه السلام قد تلقَّى الأمر بالنزول من السفينة ليباشر مهمته الإيمانية في أرض فيها مقومات الحياة، مما حمل في تلك السفينة من كلٍّ زوجين اثنين، ومن معه من المؤمنين الذين أنجاهم الله تعالى، وأغرق مَنْ قالوا عليهم إنهم أراذل.
وقول الحق سبحانه: {أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ} [هود: 48].
تضمَّن أهل نوح عليه السلام ومَنْ آمن به، وكذلك أمم الوحوش والطيور والحيوانات والدواب.
أي: أنها إشارة إلى الأمة الأساسية، وهي أمة الإنسان وإلى الأمم الخادمة للإنسان، وهكذا توفرت مقومات الحياة للمؤمنين، ويتفرَّغ نوح وقومه إلى المهمة الإيمانية في الأرض.
وقول الحق سبحانه: {اهبط بِسَلاَمٍ مِّنَّا} [هود: 48].
والمقصود بالسلام هو الأمن والاطمئنان، فلم يَعُدْ هناك من الكافرين ما ينغِّص على نوح عليه السلام أمره، ولن يجد من يكدِّر عليه بالقول: {جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} [هود: 32].
ولن يجد مَنْ يتهمه بالافتراء.
ومَنْ بقي مع نوح هم كلهم من المؤمنين، وهم قد شهدوا أن نجاتهم من الغرق قد تمت بفضل المنهج الذي بلَّغهم به نوح عن الله تعالى.
وقول الحق سبحانه: {وَبَركَاتٍ} [هود: 48].
يعني أن الحق سبحانه يبارك في القليل ليجعله كثيرًا.
ويقال: إن هذا الشيء مبارك كالطعام الذي يأتي به الإنسان ليكفي اثنين، ولكنه فوجئ بخمسة من الضيوف، فيكفي هذا الجميع. إذن: فالشيء المبارك هو القليل الذي يؤدِّي ما يؤدِّيه الكثير، مع مظنَّة أنه لا يفي.
وكان يجب أن تأتي هنا كلمة: {وَبَركَاتٍ} لأن ما يحمله نوح عليه السلام من كلٍّ زوجين اثنين إنما يحتاج إلى بركات الحق سبحانه وتعالى ليتكاثر ويكفي.
وقول الحق سبحانه: {وعلى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [هود: 48].
هذا القول يناسب الطبيعة الإنسانية، فقد كان المؤمنون مع نوح عليه السلام هم الصفوة، وبمضيِّ الزمن طرأت الغفلة على بعضٍ منهم، ويأتي جيل من بعدهم فلا يجد الأسوة أو القدوة، ثم تحيط بالأجيال التالية مؤثرات تفصلهم تمامًا عن المنهج.
وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ينام الرجل النومة فتُقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوَكْت، ثم ينام النومة فتُقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها كأثر المَجْل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه مُنتبرًا، وليس فيه شيء، ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله، فيصبح الناس يتبايعون، لا يكاد أحد يؤدِّي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلًا أمينًا، حتى يقال للرجل: ما أجلده! ما أظرفه! ما أعقله! وما في قلبه مثقال حبة من خَرْدلٍ من إيمان».
وهكذا تطرأ الغفلة على أصحاب المنهج، ويقول صلى الله عليه وسلم: «تُعرض الفِتَن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأيّما قلب أشْرِبَها نُكتت فيه نكتة سوداء، وأيما قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا لا تضرُّه فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبادًا كالكوز مُجَخِّيًا لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا إلا ما أشْرِبَ مِنْ هَواه».
وأعوذ بالله تعالى من طروء فتنة الغفلة على القلوب.
والحق سبحانه يتحدث في هذه الآية عن الذين بقوا مع نوح عليه السلام وهم صفوة من المؤمنين، لكن منهم من ستطرأ عليه الغفلة، وسيمتِّعهم الله سبحانه وتعالى أيضًا بمتاع الدنيا، ولن يضنَّ عليهم، ولكن سَيَلحقُهم العذاب.
فإذا ما جاء جيل على الغافلين فهو يخضع لمؤثِّرين اثنين:
المؤثر الأول: غفلته هو.
المؤثر الثاني: أسوة الغافلين من السابقين عليه.
ونحن نعلم أن مِنْ ذرية نوح عليه السلام: قوم عادٍ الذين أرسل الحق سبحانه إليهم هودًا عليه السلام، وكذلك قوم ثمود الذين أرسل إليهم أخاهم صالحًا عليه السلام، وقوم لوطٍ، وهؤلاء جميعًا رَانَتِ الغفلة على قلوبهم. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال: {ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي} وإنك قد وعدتني أن تنجي لي أهلي وان ابني من أهلي.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما بغت امرأة نبي قط، وقوله: {إنه ليس من أهلك} يقول: إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)}